27 مارس 2023

يوميات رمضانية (4).. أنا برضه من السيدة

وُلدت وقضيت عمري حتى الآن في حي السيدة زينب العريق بالقاهرة، فقد وُلدت لأب من هذا الحي العريق أبًا عن جد، أما والدتي- رحمها الله- فهي من ريف محافظة الدقهلية ولكنها قضت نصف عمرها في السيدة زينب، وبهذا أجمع في جيناتي بين جدعنة وشهامة الحي الشعبي وبساطة وطيبة الريف المصري.. وأتمنى فعلا أن أكون متحليًا بهذه الخصال.

حي السيدة زينب نشير إليه فقط بـ«السيدة» وليس «السيدة زينب» تكريمًا لمقام هذه السيدة الكريمة الطاهرة، وتأكيدا على تميز هذا الحي وشهرته بالمقارنة بغيره من الأحياء التي تبدأ بـ«السيدة» مثل «السيدة نفيسة والسيدة عائشة».

لا أعرف ما سر ربط حي السيدة زينب بالبلطجة و«الشبحنة» والجريمة؟.. هل ساهمت في ذلك بعض الأعمال الفنية وأخطاء البعض الذين استعانوا بالبلطجية في زمن من الأزمان؟.. بحكم أنني أعيش في هذا الحي أقول نعم في وقت من الأوقات كان هناك بعض الأسماء المرعبة والخناقات الكبيرة والعائلات والنفوذ في حي السيدة، ولكن ولأن دوام الحال من المحال فالأمور الآن صارت هادئة كثيرا عن الماضي، وهناك الكثير من المحترمين والمرموقين الذين يعيشون في هذا الحي العريق منذ زمن طويل. 

أتذكر قديما أحد العناصر الخطرة كان يدخل أجدعها فرح ويقلبه على مزاجه، ويتحكم في الدي جي، فيأتمر الغلبان المسؤول عن الدي جي بأمره ويشغل لهذا «الشبيح» ما يريد من أغانٍ، ويجلس صاحب الفرح لا حول ولا قوة له، في حين أنني وخمسة آخرين نشعر بحالة عجيبة تجمع بين الحزن والغضب والكوميديا!!

هذه هي سلبيات حي السيدة والأحياء الشعبية التي تركز عليها بعض الأعمال الفنية، وتغفل الإيجابيات الموجودة هناك، مثل احترام الكبير وثقافة «لما عم الحاج يعدِّي كله يوقَّف لعب يهدِّي»، وأيضا ثقافة التكافل الاجتماعي وعطف المقتدر والغني على الفقير المحتاج، وثقافة التدين الموجودة هناك بحكم أن السيدة منطقة دينية قبل أن تكون شعبية، كما أنها منطقة ترفيهية، حيث إن فيها الكثير من المطاعم والمحال الشهيرة التي يمكنك التسوق وقضاء وقت رائع فيها، كما أن الكثير من المشاهير نشأوا وترعرعوا في السيدة مثل شيخ الملحنين سيد مكاوي ولاعب الأهلي مختار التتش ولاعب الزمالك عبده نصحي، وغيرهم الكثيرون، وإيجابيات أخرى كثيرة في حي السيدة، بجانب أن السلبيات التي ذكرتها أصبحت شبه منعدمة بسبب تغير الأشخاص أو حتى زوالهم.

إن الجريمة والبلطجة ظاهرة سلبية موجودة في جميع أنحاء العالم، حتى في أرقى الدول وأكثرها تقدمًا، وليس فقط في الأحياء الشعبية، ولكن بعضنا ينظر إلى نصف الكوب الفارغ دون اجتهاد أو مواكبة للتغيرات والتطورات التي تحدث، والمسؤول الأبرز عن ذلك كما ذكرت هو بعض الأعمال الفنية التي اتخذت من هذه السلبيات «سبوبة دائمة» على حساب استمرار تشويه الآخرين.. فيا أيها الفنانون والإعلاميون ويا أيها الناس توقفوا عن هذه النمطية وكونوا حياديين وواقعيين بالله عليكم!

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

بارك الله فيك....تمام وفريد شوقي وبيرم التونسي ويوسف السباعي ويحيى حقي وحسين رياض وغيرهم كثير من السيده أيضا والشيخ محمد رفعت

غير معرف يقول...

حي العظماء