16 أكتوبر 2021

وسط مثير.. للشفقة

 منذ سنوات حكى لي رجل مسن أعرفه عن حكاياته ومصادفاته مع عالم الفن الجميل.. «الفنانين اللي بجد».. وكيف أن عملاقا مثل محمود المليجي انتظر الرجل (الذي كان صبي مكوجي وقتها) على الناحية الأخرى من الطريق حتى يصافحه وكان معه عملاق آخر يُدعى حسن الإمام.

رواية الرجل- الذي رحل عن عالمنا منذ عامين- هي ليست وحدها الشاهد على رقي وجمال فناني الزمن الجميل قديما، الذين تقاضوا أبخس الأجور مقابل أروع الأعمال الفنية التي أمتعت الشعوب وأثرت في وجدانها، هذه الحقبة الفنية التي لم يكن يعنيها التعري أو جمع المال أو ركوب التريند، بقدر ما كان يعنيهم الإخلاص في عملهم وتقديم رسالة فنية تعيش لعقود.

ما وصل إليه حال الوسط الفني الآن يثير الشفقة- ولا شيء دون ذلك- فما نراه ونسمعه ونقرأه الآن ما هو إلا مجرد فراغ وإفلاس وتناقض وكذب وضحك على عقل الجمهور، وتنمر واستهانة بهذا الجمهور وعدم اكتراث بانتقاداته التي أحيانا كثيرة تكون صائبة وفي محلها، فهذا الجمهور هو مصدر تمويل وشهرة هذا الوسط الفني وغيره من الأوساط.. ولكن لا حياة لمن تنادي!

إن الفنان عندما يتحول إلى «مانيكان» يرتدي أي «حتة قماش» من أجل «التريند»، هو قمة المسخرة والشفقة، لأنه بذلك يتسول ويتحول إلى بائع أو بائعة هوى تسعى لاسترضاء «الزبون» وجذب انتباهه بأي وسيلة حتى لو كانت رخيصة ومتدنية، ويصبح الفنان بذلك فارغا من أي محتوى أو مضمون، فقط مجرد شكل سيغيره ويطمسه الزمن مهما طال.

أعرف أنني كمن «يؤذن في مالطا»، وهذه السطور قد لا يهتم أو يعمل بها أي من المنسوبين للوسط الفني، ولكن هذه السطور مجرد ناقلة لما لمسته من انطباع الجمهور واستيائه من معظم إطلالات الممثلين.

إن المنتسب للوسط الفني يجب أن يعي ويعلم أنه يظهر أمام قطاع كبير من الجمهور عبر وسائل إعلام واسعة الانتشار، فهو إذن ليس في بيته أو داخل غرفة نومه، احترامك لجمهورك هو بمثابة فتح حساب أو رصيد احترام لنفسك يظل جاريا مدى الحياة وبعد الممات.

3 أكتوبر 2021

ونحن نهش الاكتئاب

تعيش البشرية أصعب لحظاتها في هذه الأيام.. فيروس كورونا.. غلاء معيشي.. أزمات اقتصادية واجتماعية وجدت طريقها حتى إلى أغنى الدول في أوروبا، وخير مثال على ذلك أزمة الوقود في بريطانيا التي كانت يوما ما «إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس»، ولكن الدنيا لا تصفو لأحد إلى الأبد.. ومن يظن نفسه جبارا وقويا إلى الأبد، فهو واهم ومخدوع!

وما يزيد من مرارة الألم، ما نطالعه يوميا في وسائل الإعلام من أخبار «تغم النفس» عن هذا الذي قتل «شريكة عمره»، أو هذه التي خانت «رجل بيتها» وأجهزت عليه بالتواطؤ مع «شيطان» تمثل لها في صورة «حبيب» واستطاع أن يغزو رأسها وفكرها ويسوقها إلى التهلكة كما يسوق الجزار الشاة إلى المذبح، أو هؤلاء الذين غدروا بأعز أصدقائهم من أجل حفنة أموال!

لم يتوقف الأمر على الجريمة، بل امتد أيضا إلى أخبار «موت الفجأة» وخصوصا أولئك الذين توفوا قبل زفافهم بقليل أو أثنائه أو بعده بقليل، أو حتى أخبار الانتحار وأولئك الذين قتلوا أنفسهم وكان الله بهم رحيما، فأصبح الأمر إذن وكأن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي توزع علينا يوميا «وجبة من النكد والاكتئاب».. فكيف نعيش وماذا نفعل؟

الإيمان هو مفتاح الهروب من هذا الاكتئاب.. الإيمان بالقدر، وأن «نصيبك هيصيبك» .. الإيمان برحمة الله معك وأنه يرزقك كل لحظة، وكل يوم تستيقظ فيه حيًا هو فرصة للتصالح مع الله والإقلاع عن المعاصي.

لا تجعل يومك كله ثابتا ومقتصرا على نشاط واحد، فتنويع الأنشطة اليومية (عمل أو عبادة أو ترفيه)، من شأنه أن يجعل يومك مشوقا وحيويا وبعيدا عن دائرة الاكتئاب الجهنمية!

لا تنظر إلى ما فضَّل ومتَّع الله به غيرك، الحسد والحقد من مسببات الاكتئاب وأمراض النفس، وتذكَّر نعم الله عليك.. بالتأكيد أنت لديك مميزات وعطايا لا توجد عند غيرك، فلا تنشغل عن تنميتها واستغلالها بأن تتلصص إلى نِعم غيرك.

أنت أقوى من الاكتئاب، لأن المؤمن القوي أفضل عند الله من المؤمن الضعيف.. فتسلح بالإيمان والقوة وستهزم الاكتئاب بإذن الله.