24 أبريل 2022

لو كان القهر رجلا.. لقتلته

القهر في رأيي أحد القتلة الصامتين.. أكيد سمعنا جميعا عن أشخاص ماتوا كمدا أو حزنا بسبب تعرضهم لصدمة شديدة أو قهر مميت، ولعل واقعة الطيار أبو اليسر وأزمته مع الفنان محمد رمضان هي خير مثال على ذلك.

القهر أيضا «مُعدي»، فهو شعور وأثر إنساني ينتقل عن طريق العدوى مثل أي شعور كالضحك والغضب وغير ذلك، فلقد اعتصرنا الحزن جميعا على وفاة الثلاثة أشقاء الذين يدرسون الطب والصيدلة في حادث سير منذ أيام، ولقد شعرنا أن هؤلاء أشقاؤنا أو أبناؤنا، ولو وضع أحدنا أنفسه للحظة مكان الأم المكلومة التي فقدت فلذات أكبادها دفعة واحدة، لشعر بكم القهر والألم الذي عانته هذه الأم.

إن القهر درجات وأنواع، هناك قهر في المنزل وقهر في العمل وقهر في المجتمع، قهر معلن وواضح، وقهر صامت وخفي، قهر كبير وقهر صغير، قهر يشبه الرصاصة القاتلة السريعة، وقهر يشبه السم الذي يقتل ضحيته ببطء، وقهر كالمرض المزمن الذي «يتعايش» معه صاحبه، قهر متنكر في وجه طيب كالعمل والعشم والعِشرة والبيت اللي مش عايزينه يتخرب والشغلانة اللي مش عايزينها تضيع، قهر مسكوت عنه و«مطرمخ» عليه، وقهر «بنعافر» لكي نرفعه ونزيله، وفي النهاية يبقى القهر قهرا.

إن القاهر يتمادى في قهره للمقهور لأن الأخير «سكت» و«تعايش» مع هذا القهر، ولكن القاهر يجب أن يحذر من لحظة «الانفجار» الذي سيأتي يوما ما، إن الحل هو التعامل مع الناس جميعا بالعدل والمساواة والرحمة، لأن القهر قاتل للأفراد والمجتمعات، وإذا كان الإمام علي بن أبي طالب قال «لو كان الفقر رجلا لقتلته»، فاسمحوا لي أن أقول «لو كان القهر رجلا لقتلته».

22 أبريل 2022

دي فرحة سلامك ولا وداع صيامك

كعادته.. رمضان مستعجل.. مر يوم في أسبوع في ثلاثة أسابيع ولم يبقَ من الشهر الكريم سوى بضعة أيام.. رمضان شهر الخير والبركة واللمة الحلوة خلاص بيلم حاجته وماشي!!

رمضان دائما يأتي بكل خير وبهجة على كل المستويات.. على المستوى الديني هو أفضل شهر وأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر (أكثر من ٨٠ سنة).

وعلى المستوى الدنيوي يكون الشهر الكريم فرصة لاجتماع الأقارب والزملاء والأصدقاء على مائدة إفطار واحدة وسط جو ترفيهي تظلله المحبة والسعادة، وأيضا يكون الشهر الكريم موسما مهما لأعمال الخير ومساعدة المحتاجين وإفطار الصائمين.

والله لسه بدري والله يا شهر الصيام.. هذه الكلمات التي كلما أسمعها تنتابني القشعريرة وتدمع عيناي، وهي كلمات أغنية تتغنى بها المطربة القديرة شريفة فاضل، مودعة شهر الخير وهي تقول "يا ضيف وقته غالي وخطوة عزيزة.. حبك حب عالي في الروح والغريزة.. دي فرحة سلامك ولا وداع صيامك"، وهي الجملة التي كنت أسمعها في صغري "ولا وضاع صيامك"!! على طريقة "سعد نبيهة" التي تبين فيما بعد أنها "سعدنا بيها"!!

ونحن نودع رمضان نحرص دائما ونطمح ونتمنى أن تكون أنفسنا شبعت منه ومن بركاته وأجوائه البهيجة الربانية، وأن نكون من الفائزين في رمضان.. آمين.

19 أبريل 2022

عن أعظم نعمة ربانية

 

لو سألت نفسك وفكرت.. ما هي أفضل نعمة منحها الله للعباد؟.. ستكون الإجابة صعبة بالتأكيد.. فكل النعم عظيمة وضرورية.. سواء كانت جسدية أو معنوية.. ولكن في رأيي أعظم نعمة معنوية منحها الله لجميع بني آدم على اختلاف ألوانهم وأعراقهم ودياناتهم.. هي نعمة «الستر».

تخيل لو رفع الله الستر عن عبد من عباده.. بالتأكيد سينفضح كما حدث مع «لص الموبايل» الشهير الذي سرق هاتف صحفي أثناء بث مباشر، ونسي أن الكاميرا صوَّرت وجهه وكشفته أمام الآلاف من الناس وبذلك نفد رصيده من «الستر»!!

كل ابن آدم خطأ، كلنا نرتكب أخطاء ويستر الله علينا بستره الجميل الرحيم.. ومع كل ستر إنذار بالاعتدال والتوقف عن الأخطاء والمعاصي، ورغم ذلك يستمر «عشمنا» في الخالق وطمعنا في نعمته العظيمة، وهي «الستر».

إن الذين يفبركون الصور والذين ينشرون الفضائح يعتدون على نعمة كبيرة منحها الله للإنسان، هؤلاء ليسوا بشرا، وأقل توصيف لهم وأكثره أدبا أنهم حفنة من الجهلاء، «أولئك كالأنعام بل هم أضل»، وقطعا أنهم سيذوقون من نفس الكأس، وكذلك «المجاهرون» الذين يجهرون بالمعاصي ويعلنونها ويفخرون بها- للأسف!!، ويتمردون على نعمة الستر التي منحها الله إياهم بدون مقابل.

إن الإنسان يجب أن يكون في تعامله مع الله، كالطائر الذي يطير بجناحين، جناح «الرجاء» وجناح «الخوف»، رجاء رحمته وستره وكرمه وجنته، وفي نفس الوقت الخوف من عذاب الله وغضبه ومكره، والله يقول في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي»، فلا تتعشم كل العشم فتنزلق في المعاصي، ولا تتشاءم كل التشاؤم فتصبح حياتك مظلمة وكئيبة وسلبية.. خير الأمور الوسط، فنسأل الله الهداية والتوفيق دائما.

18 أبريل 2022

ربوا عيالكم

كثير من الصبية، بل والشباب اليافعين، ويا للحسرة ويا للألم، عندما تدخل في مشادة كلامية بسيطة معهم قد يدخلون معك في سباب، بل وسباب للدين أحيانا، في اعتداء صارخ على ثوابت المجتمع المصري المتدين، فتجد الواحد من هؤلاء يسب الدين بسهولة ويسر وكأنه يمضغ علكة!!

وبالأمس في محافظة الإسماعيلية، عدد من الصبية رشقوا شابا بأكياس المياه، وأثناء توبيخه لهم وعدوه خلفهم، سقط أرضا وتوفي!!.. نعم فاضت روحه إلى بارئها ويبدو أنه مات حزنا على نفسه التي أهينت على يد «شوية عيال».. انظر كيف تكون الإهانة قاتلة أحيانا.. انظر كيف يكون سوء الأخلاق مهلكا ومميتا!!

أجواء مخيفة ومرعبة.. بل وقاتلة.. اليوم أصبحت تتحاشى وتتجنب الدخول في صدام أو مجرد مشادة حادة، حتى لا تتطور وتتهور إلى ما لا يحمد عقباه.. أصبح داخل كل واحد قنبلة موقوتة يحرص الآخر على تفاديها وإبطال مفعولها قدر المستطاع.

قديما، وبحكم أنني تربيت في حي شعبي، كنا في طفولتنا نحترم الجميع، حتى «الصنايعي» اللي هدومه مشحمة وكلها «بوية وبنزين»، كنا نخاف من أهلنا ونحترمهم، كنا نخاف حتى من جيراننا الكبار في السن من مجرد «تبريقة عين»، وهذا «الخوف» هو الذي أكسبنا فضيلة الاحترام والذكاء الاجتماعي والانضباط النفسي في كل موقف، وفي كل مكان وزمان.

من فضلكم، أرجوكم، راقبوا أولادكم.. راقبوا أصحابهم.. اهتماماتهم.. هواياتهم.. الأماكن التي يترددون عليها.. ما يسمعونه وما يشاهدونه.. وفي نفس الوقت لا تضيقوا عليهم حتى لا ينفجروا.. أو كما قال فؤاد المهندس في مسرحية «سك على بناتك».. سكوا عليهم وأعطوهم المفتاح.

17 أبريل 2022

رمضان والنوستالجيا

«الحنين إلى الماضي» أو «النوستالجيا» أصبح هو السمة الغالبة على معظم الأعمال الفنية في شهر رمضان، من إعلانات ومسلسلات وغيرها، بل في واقع الأمر الحنين إلى القديم هو «غريزة إنسانية» أو سلوك إنساني للهروب من آلام الواقع ومخاوف المستقبل، وهناك مثل إنجليزي يقول «OLD IS GOLD» أو «القديم ذهب».. القديم ذهب ونحن قررنا استدعاءه.

إعلان ياسمين عبدالعزيز وكريم محمود عبدالعزيز هو مثال صارخ على استدعاء الماضي، فتجد النجمين يستدعيان خلال الإعلان عددا من الأعمال الفنية القديمة مثل فيلم الحفيد ومسلسلي «ليالي الحلمية» و«لن أعيش في جلباب أبي»، وغيرها.

أيضا هناك إعلان آخر لإحدى المدن السكنية «الفخمة»، ويشارك فيه أحمد السقا وهند صبري وليلى أحمد زاهر وعدد من النجوم، ويستدعي مسلسلات وأعمالا فنية رمضانية قديمة وتحديدا منذ فترة التسعينيات، مثل «بكار» و«يتربى في عزو»، بعنوان «رمضان في جيلنا».. والغريب أن نصف المشاركين في الإعلان أعمارهم تتجاوز الأربعين، يعني قبل فترة التسعينات!!

ألحان سيد مكاوي وأغاني السندريلا أيضا حاضرة بقوة في عدد من إعلانات رمضان، في استدعاء صريح للماضي..

الحقيقة أننا جميعا نشتاق إلى الماضي، وكثيرا ما نسترجع اللحظات الجميلة التي كانت الأسرة مجتمعة فيها على مائدة الإفطار قبل أن تفرقنا الحياة أو حتى الموت.

منذ سنوات، كنت أجلس على مائدة الإفطار مع أبي وأمي وإخوتي، الآن تغير الحال وأصبحت أفطر في عملي مع زملائي، وأتسحر في منزلي وحيدا، فالوالدان انتقلا إلى العالم الآخر، والشقيقان انتقلا إلى عالم الزواج والأسرة المستقلة، وهكذا هو حال الدنيا!!.. إن الماضي يكون جرعة من النشوة التي يسافر فيها خيالنا قليلا ثم يعود إلى وطنه وواقعه بحلوه ومره.. فنسأل الله الصبر والخير في كل مكان وزمان.