في أحدى المصالح الحكومية كانت تجلس بجواري على تلك الأريكة التي تتكون من عدة مقاعد متشابكة كتلك الموجودة في محطات مترو الأنفاق , و معها طفلها الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره و معه (مسدس لعبة) شكله مخيف و مقلق .. تشعر كأنه حقيقي .. يشبه تلك المسدسات التي يحملها رعاة البقر (الكاو بويز) , كان الصغير شقياً و يجري في دمه حماسة الأطفال و براءتهم و شقوتهم , شئ ما - لا أدري ما هو - جعل المرأة تتكلم و تبوح بما يكنه صدرها لمن كانوا بجوارها من الناس , قالت انه يتيم الأب حيث مات أبوه الشاب ذو الأربعين عاماً في المظاهرات .. علمت فيما بعد أنه مات في مذبحة محمد محمود .. للحظات ساد الصمت الممزوج بالحزن و الأسى و السخط على هؤلاء الجبابرة الذين تهون عليهم الدماء و خراب البيوت و لا تسلل الى قلوبهم أدنى نسمات الإحسان و الرحمة .. فكم من نساء فقدن الزوج و العشير .. و كم من امهات فقدن فلذات أكبادهن .. و كم من أسر فقدت خيرة شبابها حيث كانت تضع فيهم أسمى أمانيها و أحلامها .
تستكمل الأرملة حديثها و هي تنظر الى اليتيم ذو الثلاث سنوات و هو يغدو و يروح و يلوح بالمسدس (الفشنك) في وجوه الجالسين و يضغط زناده البلاستيكي ليصدر تكة صغيرة يضحك معها الطفل بكل براءة و تقول أن ابنها يحمل هذا المسدس منذ أن علم بوفاة أبيه و هو يريد أن يأخذ حق أبيه و يقتص له .. مرة أخرى يعم الصمت على المكان تقطعه الأهات و الزفرات و العبرات و (مصمصة الشفايف) و ضحكات الطفل و تكة مسدسه البلاستيكي , و الخوف كل الخوف من أن يكبر المسدس مع الطفل , فيتحول المسدس الى سلاح انتقام و يتحول الطفل الى منتقم من مجتمع ظالم تضيع فيه الحقوق .. فلتعد العدالة الغائبة فوراً من مشوارها الطويل قبل أن يكبر اليتيم و يفوت الأوان .
تستكمل الأرملة حديثها و هي تنظر الى اليتيم ذو الثلاث سنوات و هو يغدو و يروح و يلوح بالمسدس (الفشنك) في وجوه الجالسين و يضغط زناده البلاستيكي ليصدر تكة صغيرة يضحك معها الطفل بكل براءة و تقول أن ابنها يحمل هذا المسدس منذ أن علم بوفاة أبيه و هو يريد أن يأخذ حق أبيه و يقتص له .. مرة أخرى يعم الصمت على المكان تقطعه الأهات و الزفرات و العبرات و (مصمصة الشفايف) و ضحكات الطفل و تكة مسدسه البلاستيكي , و الخوف كل الخوف من أن يكبر المسدس مع الطفل , فيتحول المسدس الى سلاح انتقام و يتحول الطفل الى منتقم من مجتمع ظالم تضيع فيه الحقوق .. فلتعد العدالة الغائبة فوراً من مشوارها الطويل قبل أن يكبر اليتيم و يفوت الأوان .