2 ديسمبر 2021

صراع «العقل العاطفي» و«العقل المنطقي»

سأله صديقه: «لماذا لا تتزوج من فلانة؟.. إنها فتاة ذات خلق ومتفوقة في عملها.. كما أنها تجيد طهي اليخنة التي تعشقها أنت»، فرد عليه: «ولماذا أتزوجها وأنا لا أشعر نحوها بانجذاب عاطفي!».... هذا مثال بسيط على الصراع الأزلي في هذه الحياة.. صراع العقل المنطقي ونظيره العاطفي، فلو فكر هذا الصديق بعقله المنطقي سيتزوج من هذه الفتاة ذات المميزات الفريدة، أما إذا استسلم لمشاعره التي يقودها عقله العاطفي، فهو لن يفكر فيها من الأساس.

إن العقل العاطفي مصدره النتوء اللوزي بالمخ، وهو الذي يجعلنا نركض خائفين إذا رأينا أسدا يطاردنا في البراري، أو حتى «كلب بلدي» في الشارع!!، ولكن العقل المنطقي سيجعلنا نفكر في طريقة ننجو بها من الموقف، كأن نلتقط حجرا لنهش به هذا الكلب وليس الأسد بالطبع، لأن العقل المنطقي لن يجعلنا نسير في الغابة مترجلين وبدون حماية بين الوحوش الضارية!!

نطالع في وسائل الإعلام يوميا عن «الطبيب» أو «المهندس» الذي جن جنونه وارتكب جريمة بشعة مثل القتل أو حتى التحرش، رغم تفوقه العلمي والعملي.. لدرجة تجعلنا نتساءل: كيف لرجل على هذا المستوى من العلم أن يفعل مثل هذه الجرائم؟.. والجواب بمنتهى البساطة أن التفوق والذكاء الأكاديمي مختلف تماما عن الذكاء العاطفي وقدرة الإنسان على التحكم في مشاعره، وأن يكون عقله غالبا على تصرفاته ومسيطرا على انفعالاته.

هؤلاء السُذَّج سيطر عليهم شعور الغضب أو الخوف أو الشهوة فلم يمنحوا لأنفسهم فرصة للتفكير والتعقل بأن النتيجة ستكون خسارتهم لأنفسهم أو حتى لأحبائهم.. تماما مثل ذلك الزوج الذي استشاط غضبا عندما علم بحمل زوجته في شهرها الأول بعد 18 يوما من الزواج دون أن يدري أن هذا طبيعي للمرأة من الناحية الطبية والعلمية، وحتى لو لم يكن يدري كان عليه أن يمنح عقله الوقت ليفكر أو حتى يسأل أهل العلم إن كان لا يعلم.. ولكن هذا نتيجة سيطرة العقل العاطفي على العقل المنطقي.

إن العقل العاطفي ونظيره المنطقي لا غنى عنهما معا، فلو فكر الإنسان بعقله فقط سيصبح مثل الكمبيوتر بلا مشاعر.. ولو فكر بعاطفته فقط فسيصير كالمجنون، لذا فالأفضل أن يعطي الإنسان الفرصة لمشاعره كي ترى ألوان الأشياء ثم يعرض الأمر على عقله ليضع القرار المصيري نحو هذه الأشياء.