29 أغسطس 2013

الارتباك هو الداء

بعد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011- وأذكر تلك الثورة التي سأظل وغيري نسميها "ثورة" رغم أنف الخفافيش وراكبي الأمواج الذين يريدون محوها محوًا من ذاكرة الأجيال- بعد نجاحها في الإطاحة بنظام لطالما قبض على السلطة واستخدم في ذلك كل الوسائل من تعذيب وقمع وتزوير للإرادة الشعبية من أجل الاحتفاظ بالكرسي، ظننا جميعًا أنه بنجاح تلك الثورة ستستقر الأمور وتصبح الدنيا "وردي" كما يقولون.. ظننا أنه أخيرًا سيصبح لدينا نظام ديمقراطي منتخب واقتصاد يضع حقوق الفقراء وعامة الشعب في الاعتبار، أخيرًا ستختفي المحسوبية وسيذهب الفساد والتزوير والاستبداد والقمع إلى غير رجعة، ولكنه كان الارتباك.. الارتباك في كل شيء ومن كل الأطراف، مجلس عسكري مرتبك.. ثوار مرتبكون.. أحزاب مدنية مرتبكة.. إخوان مرتبكون وإن كانوا على هدفهم ومطمعهم عازمين.. فكانت النتيجة مرحلة انتقالية مرتبكة نتج عنها دستور مشوه وبرلمان تحكمه جماعة واحدة تمامًا مثل "برلمان الحزب الوطني المنحل"، ورئيس تحكمه عصابة تقبع في حجرة مظلمة بالمقطم.. نظام ديكتاتوري آخر ثار عليه الشعب، فاستجاب الجيش وتدخل لعزل الرئيس الذي لم يستجب ولم يحقق مطالب وطموحات الناخبين الذين جاءوا به إلى سدة الحكم، في حركة يسميها البعض "ثورة" والبعض الآخر يراها "انقلابًا" وهناك من يراها "تصحيحا" لمسار ثورة الخامس والعشرين من يناير ولكل وجهة نظره وحجته في ذلك، وها هو الارتباك لا زال مسيطرًا، مليشيات إجرامية مسلحة ترهب المواطنين في الشوارع ودور العبادة.. نظام لم نرَ منه حتى الآن إلا الطبيعة الأمنية البوليسية، وربما طبيعة المرحلة هي التي تدفعه لتكثيف وتركيز اهتمامه على الجانب الأمني، وإن كانت حكومة الدكتور الببلاوي كذلك ليست بالفعالية والتأثير والشفافية التي ينتظرها المواطن، لذلك فالحكومة الانتقالية مطالبة ببذل المزيد من الجهود حتى تصل بالبلاد إلى بر الأمان، وإياكم والارتباك حتى لا ينتهي بنا الحال إلى نظام مشوه آخر وتصبح البلاد في حالة اضطراب وعنف دائمين.. وأعتقد بأن حالة البلاد وظروف المواطنين لن تتحمل المزيد من الاضطرابات.